مجموعة أمريكا الشمالية: التبادل الحر والاندماج الجهوي

مجموعة أمريكا الشمالية: التبادل الحر والاندماج الجهوي

إشكالية الوحدة: بعد معاهدة ماستريخت في فبراير 1992 والتي كانت وراء ظهور تكتل الاتحاد الأوربي، وقعت الدول الثلاث كندا الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك اتفاقية مجموعة أمريكا الشمالية للتبادل الحر في دجنبر 1992.
فما هي العوامل التي كانت وراء تشكيل مجموعة أمريكا الشمالية؟وماهي مجالات التبادل بين الدول الثلاث؟ وماهي النتائج التي تحققت لشعوب بلدان المجموعة؟.
1) تعريف مجموعة أمريكا الشمالية.
هي مجموعة الدول الثلاث كندا والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك التي وقعت اتفاقية التبادل الحر لأمريكا الشمالية في دجنبر 1992 وأصبحت سارية المفعول في يناير سنة 1994.
وتسمى باللغة الانجليزية نافتا NAFTA. :North American Free Trade Agreement
وباللغة الفرنسية ألينا ALENA Accord de libre-Echange Nord Américain
2) العوامل التي ساهمت في عقد اتفاقية التبادل الحر لأمريكا الشمالية.
ساهمت العوامل الاقتصادية والسياسية في دفع الدول الثلاث إلى عقد اتفاقية التبادل الحر، فالمكسيك كبلد نامي سعى إلى الاتفاقية لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متقدمة وذلك بعد تمكنه من ولوج الأسواق الأمريكية المتسمة بحدة السياسة الحمائية. والولايات المتحدة كانت تبحث عن أسواق بديلة لمنتجاتها بعد فشلها في فرض شروطها التجارية خلال جولة مفاوضات التعريفة الجمركية**الكات**بالاوروغواي 1986-1994. في الوقت التي كانت تهدف كندا إلى تعميق علاقاتها السياسية و الاقتصادية والاجتماعية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
3) أهداف وميادين اتفاقية التبادل الحر لأمريكا الشمالية.
اتفقت الدول الثلاث على تأسيس منطقة التبادل الحر + تشجيع المنافسة الحر والعادلة في منطقة التبادل الحر +إلغاء الحقوق الجمركية بشكل تدريجي + سياسة جمركية موحدة مع منتوجات وخدمات واستثمارات البلدان الثلاث +تسهيل وتحسين الولوج إلى الأسواق العمومية بين البلدان الثلاث لترويج السلع والخدمات + وضع تنظيمات ومعايير موحدة لحماية الملكية الفكرية.
بينما لم يتم الاتفاق على نقطة السماح للإفراد بالتنقل داخل مجال المجموعة الثلاثية بكامل الحرية. ولهذا الغرض أقامت كندا والولايات المتحدة الأمريكية حزاما صناعيا وخدماتيا في الحدود المكسيكية الأمريكية تسمى بالماكيلدوراس Maquiladoras تشتغل فيها اليد العاملة المكسيكية وتصدر المواد المنتجة إلى الأسواق الكندية والأمريكية على الخصوص وكان الغرض من ماكيلدوراس الحد من الهجرة السرية المكسيكية في الوقت الذي تفتح فيه الحدود بين شعبي كندا والولايات المتحدة الأمريكية.
4) المؤسسات المنظمة لمجموعة أمريكا الشمالية.
· لجنة التبادل الحر: تعتبر أهم المؤسسات ،تتكون من ثلاث وزراء يسهرون على مراقبة تطبيق الا اتفاقية الموقعة وتصفية الخلافات ودراسة كل القضايا التي يمكن أن تعيق تنفيذ الاتفاقية ،لها حق تأسيس لجان أو مجموعات عمل تسند إليها بعض المسؤوليات ، وتراقب المؤسسات الأخرى المذكورة أسفله. وتجتمع مرة واحدة على الأقل في السنة ،و تتخذ قراراتها بالإجماع .
· منسقو مجموعة ألينا: تتكون من ثلاثة-3-أعضاء تشرف على السير العام للاتفاقية وتقوم بتدبير برنامج المجموعة.
· اللجن ومجموعات العمل: تتكون من ثلاثون-30-لجنة،و تهتم بتسهيل المبادلات التجارية والاستثمارات في دول المجموعة لضمان التطبيق الجيد للاتفاقية.
· سكرتارية أو أمانة المجموعة: تتشكل من مجموعة من الموظفين الممثلين للدول الثلاث وتقوم بوظيفة التسيير الإداري وحل الخلافات بين دول الأعضاء.
5) أهم المؤهلات المساعدة على التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين مجموعة أمريكا الشمالية.
· المؤهلات الطبيعية: تتجلى في توفر دول المجموعة على ثروة طاقية مهمة كالفحم والبترول والغاز الطبيعي والكهرباء رغم تمركزها بالولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى مساحة مهمة، كندا9982000 كلم2، الولايات المتحدة الأمريكية 9640000 كلم2، ثم المكسيك 1960000 كلم2. إضافة إلى الموقع الاستراتيجي لدول المجموعة على المحيطين الأطلسي والهادي.
· المؤهلات العلمية و التقنية: تتجلى في وجود شبكة مهمة من وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية والاتصالات والآلات تسهل العلاقات التجارية البينية لدول المجموعة...
· المؤهلات الاقتصادية والمالية: تتمثل في توفر دول المجموعة على إمكانيات فلاحية وصناعية وتجارية مهمة ومتكاملة.
· المؤهلات البشرية: تتجلى في توفر الدول الثلاث على ثروة بشرية 435700000 نسمة ، توفر لها الأطر العاملة والسوق الاستهلاكية الواسعة. انظر المحور 7اسفله.
6) أهم المظاهر الاقتصادية الناتجة عن اتفاقية التبادل الحر في أمريكا الشمالية.
تتجلى النتائج الاقتصادية التي ترتبت عن اتفاقية التبادل الحر لأمريكا الشمالية في ما يلي:
- نمو المبادلات التجارية وتطور قيمتها بين الدول الثلاث +هيمنة صادرات دول المجموعة في الأسواق العالمية+تزايد حجم الاستثمارات في دول المجموعة.
ورغم ذلك تبقى الولايات المتحدة الأمريكية ا كثر بلدان المجموعة استفادة من الحركية الاقتصادية والمالية، متبوعة بكندا والمكسيك في المرتبة الثالثة.
7) المظاهر الاجتماعية والثقافية للاتفاقية التبادل الحر بأمريكا الشمالية.
تتوفر دول المجموعة على ثروة سكانية الولايات المتحدة الأمريكية 296500000نسمة و المكسيك 107000000نسمة،ثم كندا 32200000 نسمة.وتهدف دول المجموعة إلى تحسين أجور العمال والموظفين للرفع من قدرتهم الشرائية لمنتجات بلدان المجموعة ،إضافة إلى حرصها المتواصل على إيجاد مناصب الشغل وخاصة في داخل المكسيك وعلى حدودها مع الولايات المتحدة الأمريكية في إطار مشروع ماكيلدوراس، وهو عبارة عن حزام صناعي وخدماتي ممول بالرساميل الأمريكية، تشتغل فيها اليد العاملة المكسيكية، على أن تصدر المنتجات إلى الأسواق الأمريكية، وتهدف هده المبادرة إلى الحد من الهجرة السرية المكسيكية نحو الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
كما تهتم دول المجموعة بحماية الملكية الفكرية على أراضيها بالالتزام بالاتفاقيات الدولية كاتفاقية باريس1967 لحماية الملكية الصناعية، واتفاقية جنيف1971 لحماية الانتاجات الصوتية المسجلة، ثم اتفاقية بيرن1971 لحماية الإنتاجات الأدبية والفنية ،كما تسعى دول المجموعة إلى تشجيع التفاعل الثقافي بين شعوبها وتنمية الوعي بالتحديات المشتركة وبالمصير الموحد.
8) مظاهر الاندماج الجهوي في مجموعة أمريكا الشمالية .
يتميز الاندماج الجهوي بين الدول الثلاث بالتباين:
· تزداد قيمة المبادلات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا أكثر من 400 مليار دولار ، في الوقت الذي لا تتعدى قيمة المبادلات الأمريكية المكسيكية 150 مليار دولار. والكندية المكسيكية 50 مليار دولار .
· يتنقل الأشخاص بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا بكامل الحرية بينما توجد حدود مراقبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك .
· تشييد الولايات المتحدة الأمريكية لمقاولات صناعية ماكيلدوراس على حدودها مع المكسيك تشغل اليد العاملة المكسيكية بأجور ضعيفة ولساعات عمل طويلة... وتصدر المنتجات نحو الأسواق الأمريكية.
· إنشاء الممرات التجارية في شمال أمريكا، تعمل على تعزيز البنيات التحتية وتنمي المبادلات التجارية البينية .
· لم يصل الاندماج بين دول مجموعة أمريكا الشمالية-الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك –إلى مستوى الاندماج العميق الذي تشهده بلدان الاتحاد الأوربي.
9) بعض الجوانب السلبية لاتفاقية التبادل الحر.
· إغراق الأسواق المكسيكية بالمنتجات الفلاحية والصناعية الأمريكية ،وينتج عن ذلك توقف الإنتاج المحلي، ويتعرض المستثمرون إلى الإفلاس والبيع القسري لممتلكاتهم للشركات المتعددة الجنسية .
· استغلال اليد العاملة المكسيكية ،حيث تشتغل بمقاولات الماكيلدوراس لساعات طويلة وبأجور تقل عشر مرات عن نظيرتها في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
· احتكار الولايات المتحدة الأمريكية وكندا لفرص ونتائج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن اتفاقية التبادل الحر ..
استنتاج عام: تهيمن الولايات المتحدة الأمريكية وكندا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول مجموعة أمريكا الشمالية للتبادل الحر بينما لم تتمكن المكسيك من تحقيق الطموحات التي دفعتها لتوقيع الاتفاقية سنة 1992